النيوبيوم والتنتالم .. المصادر والاستخدامات

النيوبيوم والتنتالم .. المصادر والاستخدامات

تكمن المصادر الطبيعية لكل من النيوبيوم والتنتالم في عدد من المعادن التي تتميز بندرتها الشديدة في صخور القشرة الأرضية . ويلاحظ أن معظم هذه المعادن تجمع بين هذين العنصرين ، غير أن نسبة أحدهما تختلف عن الآخر في المعدن الواحد نفسه .

غير أن المصدر الرئيس للنيوبيوم ، هو معدن النيوبيت ، أو الكولومبيت في تسمية أخرى ، ويتكون بصفة أساسية من نيوبات الحديد .

وفي المقابل فإن المصدر الرئيس للتنتالم ،هو معدن التنتاليت ، الذي يتكون بصفة أساسية من تنتالات الحديد .

ومن الجدير بالذكر أنه قد يحل بعض المنجنيز محل الحديد . ويوجد هذان المعدنان في الطبيعة معاً ، بصورة تكاد تكون دائمة ، وكنوع من المخاليط الطبيعية ، وهذا الأمر جعل علماء المعادن يفضلون مصطلح بدلا من ذكر كل معدن على حدة .


السؤال الآن : كيف تكونت تلك المعادن بما تحويه من عناصر نادرة ..؟

لاشك أن الإجابة المثلى تبدأ من الأصل ، ونعني بالأصل هنا الصهير Magma وهي المادة الصخرية المنصهرة الموجودة على أعماق بعيدة من سطح القشرة الأرضية التي هي في الوقت نفسه، أصل المعادن والصخور .

ومن المعروف أن هذا الصهير يمر بعدة مراحل أو أطوار حتى يستوي في النهاية صخورا ومعادن ، كما أنه من المعروف أيضا أن علماء الرواسب المعدنية يميزون بين نوعين من الصهير .

الأول : صهير بازلتي ، وهو صهير غني بعناصر الحديد والمغنيزيوم ، وهو ماينعكس بعد ذلك على صخور هذا الصهير ، مثل صهور الجابرو Gabbro ، والبازلت Basalt .
كما أن هذا الصهير فقير نسبيا بالمواد الطيارة ، التي غالبا ماتكون حاملة للعناصر النادرة .

الثاني : صهير غرانيتي ، وهو صهير غني بأكاسيد السيليكون والألمنيوم ، كما أنه غني بالمواد الطيارة ، ومن أشهر الصخور المشتقة من هذا الصهير ، الجرانيت ومايمثله من الصخور الغنية السيليكا .

وعلى الرغم من تعدد الآراء الخاصة بكيفية تطور الصهير ، إلا أن أشهر الآراء وأكثرها قبولا أن الصهير الجرانيتي يمر بخمس مراحل متتابعة ومتوالية .


..
.

=red]* المرحلة الأولى : هي مرحلة الصهير المبكرة Early Magmatic Stage، والتي تقتصر على تكوين المعادن الإضافية في الصخر الناري .

* المرحلة الثانية : مرحلة الصهير اللاحقة Late Magmatic Stage، إذ يتم خلالها تكوين الأغلبية العظمى من المعادن السيليكات ، مثل معادن الأمفيبول Amphiboles، والفلسبارFeld-spare ... إلخ .وهي مجموعات المعادن الأساسية في تكوين الصخور النارية ، في تتابع وتوال ، حسب الظروف الفيزيائية والكيميائية ، أو مايطلق عليه اصطلاحا Physico Chemical Condition .

ومن أهم ما يتخلف عن هذه المرحلة هو طور سائل يعرف بـ (السائل المتبقي ) Residual Liquid، وطور غازي هو المكونات الطيارة .

وتكمن أهمية هذين الطورين ، السائل والغازي ، في أنهما يؤديان دورا بالغ الأهمية في المراحل التالية للصهير ، وبخاصة فيما يتعلق بتكوين الرواسب المعدنية ، وبوجه أخص العناصر النادرة .

* المرحلة الثالثة : وتسمى المرحلة البغماتية Pegmatitic ( نسبة إلى صخور البغماتيت Pegmatite ) ، حيث يتداخل السائل المتبقي بما فيه المكونات الطيارة ، في الصخور المحيطة ، مكونا سدودا وعروقا من صخور البغماتيت ، وهنا تضع المكونات الطيارة حمولتها من العناصر النادرة في تلك الصخور ، وهذا الأمر يجعل من هذه الصخور مكانا مفضلا للبحث عن العناصر النادرة . وتبقى بعد ذلك مرحلتان : هما المرحلة الغازية Pneumatoiytic Stage ، والمرحلة الحرارية المائية Hydrothermal Stage، أو ماتعرف ( اختصارا ) بـ المرحلة الحرمائية : وهما مرحلتان من الصعب التفريق بينهما ، لأنهما من المراحل التي تكاد تكون متداخلة ، ولذا فإنه من المفضل إدماجهما معا فيما يشبه المرحلة الواحدة .



..
.

وتكمن أهمية المرحلة الغازية ، والمرحلة الحرمائية ، في أن كلا من السوائل والغازات هما من السوائل والغازات الممعدنة ( حاملة للمعادن ) .

وتؤثر تلك السوائل والغازات في الصخور المحيطة بهما :

* إما عن طريق مايعرف بـ التحول التماسي Contact Metamorphism، وهو : تحول الصخور المحيطة بفعل الحرارة الشديدة الناتجة عن هذه السوائل والغازات

* وإما عن طريق مايعرف بـ التحول المطرد Contact Metasomatism الذي يعرف أحيانا بـ الإحلال المطرد ، وهو تحول المعادن إلى معادن أخرى ، بحلول مواد خارجية ، ومن الواضح هنا أن تلك المواد الخارجية هي من الغازات والسوائل الحرمائية ، مكان بعض موادها الأصلية .

الذي يحدث هنا أن تلك المواد ( من الغازات والسوائل الحرمائية الممعدنة ) تتداخل في الصخور المحيطة بها ، عبر تسريبها في الشقوق والكسور ، مكونة عروقا ممعدنة ، مثل عروق المرو ( الكوارتز Quartz ) ، وعروق البجماتيت ، وفي أثناء التسرب يحدث انخفاض - بطبيعة الحال - في درجات الحرارة والضغط ، وهذا الأمر الذي تسرب معه السوائل الحرمائية حمولتها من المعادن ، التي غالبا ما تكون من المعادن النادرة ، والمعادن ذات القيمة الاقتصادية المهمة .


..
.

**والخلاصة مما سبق[/b] يمكن القول بأن معادن النيوبيوم والتنتالم ، تتكون بهذه الطريقة في المراحل الأخيرة من تطور الصهير ، لذلك فإنه من المهم جدا - قبل البحث عن مثل هذه المعادن - أن تجرى الدراسة المستفيضة حول طبيعة الصخر نفسه ، وإمكانية تعرضه لعوامل التحول التماسي , والإحلال المطرد ، لأن معرفة طبيعة الصخر نفسه ( وهل هو مشتق من الصهير الجرانيتي أو البازلتي ) تتيح فرصة أكبر في التنبؤ بوجود بعض المعادن ذات القيمة الاقتصادية ، وبخاصة المعادن النادرة ، لسبب بسيط جدا ، وهو أنه يوجد نوع من التلازم بين الخامات والصخور ، فهنالك خامات معينة لا توجد في هذا الصخر دون ذاك .

[b]وعلى سبيل المثال : فإن خامات الكروم ، والنيكل توجد متلازمة مع الصخور النارية فوق القاعدية ، وفي الصخور المشتقة من الصهير البازلتي ... بينما تتلازم خامات القصدير والتنجستين ، والنيوبيوم والتنتالم في الصخور النارية الحامضية المشتقة من الصهير الجرانيتي ، وكذلك في العروق الممعدنة ذات الأصل الحرمائي.

ولاشك أن معرفة مثل هذا التلازم بين بعض الخامات المعدنية ، والصخور النارية ، له أهمية كبرى في مجال البحث والتنقيب عن الخامات المعدنية ، فعلى أساس تلك المعرفة التي يمكن توقع وجودها في هذه المنطقة أو تلك .


كما أن فهم العلاقات المتداخلة والمتبادلة ، بين الخامات المعدنية وأنواع الصخور يجعلنا لانتوقع وجود خامات النيكل والكروم ، مثلا ، في صخور جرانيتية ، أو نتوقع وجود خامات القصدير والنيوبيوم والتنتالم في صخور فوق قاعدية ...وهكذا .


..
.[u]

الخواص والاستخدامات

تستعمل أنواع الصلب _ المقاوم للتآكل - والمضاف إليه 0.05 % من النيوبيوم - في أجزاء الآلات التي تتعرض لدرجات حرارة عالية ، خصوصا في أجهزة نقل عوادم الطائرات .
يدخل التنتالم في صناعة الصمامات الإلكترونية ، لقدرته الفائقة على امتصاص الغازات المختلفة بعد تفريغها بالطرائق الميكانيكية العادية ، لماله من درجة تفريغ عالية لتلك الصمامات .

تدخل سبائك النيوبيم والتنتالم في تركيب أجزاء من مركبات الفضاء ، والأقمار الاصطناعية ، وهياكل الصواريخ ، وآلات الدفع والاحتراق بها ، بسبب الخواص الحرارية العالية التي تبديها مثل هذه السبائك .

يعد كل من كربيد النيوبيوم والتنتالم من أصلب المواد المعروفة وأشدها صلادة ، فكربيد التنتالم- على سبيل المثال - يقارب في صلادته صلادة الماس ، وهي أقصى مراتب الصلادة المعروفة ( تحتل صلادة الماس المرتبة العاشرة في مقياس موهس المعروف بمقياس الصلادة ) .
وقد أعطت هذه الخاصية كربيد التنتالم وضعا متميزا ، فصنعت منه آلات قطع المعادن العالية السرعة والصلادة ، خصوصا في مثاقب آلات الحفر ، التي تستخدم عادة في البحث عن النفط والغاز والمياه الجوفية .

تدخل معظم مركبات النيوبيوم والتنتالم في كثير من الصناعات الحيوية المهمة ، مثل صنع مكثفات إنتاج حمض الهيدروكلوريك ، وفي أدوات الجراحة ، ومسامير العظام المكسورة ،وعامل حفز catalyst في صناعة المطاط الصناعي .

ومن الخواص الفريدة التي يتميز بها التنتالم والتي أكسبته وضعا متميزا في المجال الطبي ، أنه ذو قدرة فائقة على الانسجام البيولوجي مع أنسجة الجسم ، وهذا الأمر
أدى إلى استخدامه على نطاق واسع فيالجراحة ، إذ تستخدم شرائح التنتالم لمعالجة إصابات الجمجمة .

كما أن الخيوط المصنوعة منه ، بإمكانها أن تحل محل النسيج العضلي عند تلفه ، ويستعين الجراحون بها لتثبيت جدار البطن بعد العمليات الجراحية .

..
.