طاعون العصر الجديد H1N1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فيروس إنفلونزا الخنازير الذى هدد العالم وأصابه فى مقتل منذ أبريل 2009 وحتى اليوم تعود جذوره الى نحو 90 عاما" مضت , وبالتحديد عام 1918 وأوائل عام 1919 حين شهدت 1919 أكبر كارثة فى تاريخ الإنسانية سميت " الهولوكوست الميكرو بيولوجى المدمر " حيث توفى فى غضون أشهر قليلة نحو 50 مليون إنسان أغلبهم فى قارتى أوروبا وأمريكا بسبب فيروس H1N1 الذى وصف آنذاك بالإنفلونزا الأسبانيه , وإن كان بدأ أساسا" فى معسكرات الجيش الأمريكى بولاية بوسطن , لكن الأخيرة أخفت إعلان ظهور هذا الوباء لأسباب إستراتيجية عسكرية لأن الحرب العالمية الأولى لم تكن قد وضعت أوزارها بعد ... فعندما أعلنت أسبانيا عن تفشى وباء الإنفلونزا بها كان ذلك فى حقيقة الأمر فى غضون أسابيع من ظهور الحالات الأمريكية , وأمتد هذا الوباء الفتاك ليصيب أغلب البلدان الأوربية وكان أغلبها فى الموجة الجائحة الثانية التى حدثت فى خريف عام 1918 الى بداية عام 1919 وحص من البشر ما يفوق عدد ضحايا الحرب العالمية الأولى !!

هذا الفيروس كان إحدى فصائل مجموعة فيروسات الإنفلونزا الشهيرة بالمجموعة ( A ) ولكن كيف تسلل هذا الفيروس من داخل هذه المجموعة ليكتسب قوة قاتلة غير عادية ؟؟ لقد تحول الى أقصى درجة ممكنة خلال عدة سنوات دون أن ننتبه عبر فصائل من الطيور المهاجرة والحيوانات البرية واستخدام الخنازير كعائل وسيط للتبادل الجينى مع فصائل إنفلونزا أخرى لقدرة الخنازير على الإصابة بكل الفصائل الفيروسة .
الغريب فى الأمر أن الإصابات بإنفلونزا (H1N1 ) بلغت القطب الشمالى فى ظاهرة وبائية قاتلة - كان لها أهمية علمية فيما بعد - فقد أصيب جميع سكان بلدة فى ألاسكا هى " بريفيج ميشان " وذلك فى الفترة من 10 - 15 نوفمبر 1918 , ففى يوم حزين أرسل رهبان أحد الأديرة الموجودة هناك إشارة إستغاثه للقوات الأمريكية القريبة لدفن جميع سكان القرية المنكوبة من رجال ونساء وأطفال فى مقبرة جماعية فى الأرض الثلجية حيث أن تربة هذه القرية مكونة من الثلج الدائم .

وتمر السنون وفى صيف عام 1951 بعد أكثر من 30 عاما" كانت فى زيارة الى ألاسكا بعثة علمية من جامعة أيوا الأمريكية أحد أعضائها شاب صغير السن سويدى الأصل يدعى "جوهان هالتن " كان قد التحق فى عام 1949 بالجامعة ليدرس علوم الميكرو بيولوجى وتشاء المصادفة أن تزور البعثة مقبرة قرية " بريفيج ميشان " وكان عليها شاهدان يحكيان مأساة 1918 حيث دفن جميع أهل القرية فى وباء قاتل , وقد تأثر هذا الفتى الشاب برواية أهل القرية عن هذا اليوم المأساوى وقررمواصلة دراسته فى محاولة لكشف سر قيام هذا الفيروس بقتل أكثر من 50 مليون انسان فى فترة لا تتجاوز اربعة شهور وأصبح " جوهان " بعد التخرج باحثا" فى علم الباثولوجيا بالجامعة قبل أن يصبح أستاذا" لها فيما بعد .

- محاولة البحث عن فيروس انفلونزا 1918 -
بعد سنوات عديدة وبالتحديد عام 1991 قرر فريق علمى بقسم الفيروسات بجامعة واشنطن بالتعاون مع المؤسسة الطبية العسكرية وضع بروتوكول علمى لمحاولة البحث عن فيروس انفلونزا 1918 أو فيروس H1N1 الذى سبب المأساة البشرية منذ أكثر من 90 عاما"
وإعادة هذا الفيروس الى الحياة العلمية ليخضع الى الوسائل العلمية والتقنية الحديثة التى لم تكن موجودة فى الماضى لمعرفة أسراره وكيف حصد الملايين من البشر وكان يرأس فريق البحث العلمى الدكتور / جفرى توبنبرجر الأستاذ بقسم الميكرو بيولوجى بجامعة واشنطن والذى يقول : لقد وضعنا خطة بحثية علمية دقيقة وشاملة لدراسة خصائص هذا الفيروس القاتل ولكن أين نجد هذا الفيروس بعد 80 عاما" ؟؟!!
وأضاف : لقد قضينا عدة سنوات فى البحث والتقصى حتى حصلنا على عينات محفوظة فى الفورمالين من المعامل العسكرية الأمريكية وهذه العينات أخذت من جثث بعض الجنود وأستطعنا بعد جهد جهيد الحصول على الفيروس فى بعض منها ولكن كان الفيروس محطما" وعبارة عن بقايا اجزاء وشذرات لتأثير الفورمالين عليه وأصبنا بخيبة أمل كبيرة حتى كانت المفاجأه الكبرى وهى الحصول على الفيروسات كاملة من عينات عن طريق العالم " جوهان مالتن " فكيف حدث ذلك ؟؟
لقد تذكر الدكتور " جوهان مالتن " زيارته لبلدة " بريفيج ميشان " فى الاسكا منذ 40 عاما" مضت عندما كان لا يزال طالبا" وتذكر مقبرة الثلوج وفكر فى أن حفظ جثث الموتى فى الثلج الدائم ربما تبقى على الفيروسات طوال هذه السنين الطويلة , وعاد جوهان بمفرده هذه المره الى الا سكا وكان يناهز من العمر 71 عاما" وحصل عل إذن من المجلس المحلى لقرية بريفيج ميشان وتم فتح المقبرة القابعة فى الثلوج واختار جثة كاملة لسيدة بدينه للحصول على أجزاء من الرئة ربما يكون الفيروس مازال كامنا" فيها وأكد أن دهون الجسم مع البرودة حافظت على أنسجة الرئة ... وعاد بالعينات الى زملائه .

إعادة الحياة الى القاتل الكبير

ولأول مرة فى تاريخ البشرية فى عام 1997 وبطريقة غير مسبوقة يتم عزل ميكروب ويعاد الى المعامل الحديثة بعدما يقارب 80 عاما" ليتم فصل هذا الفيروس " فيروس انفلونزا 1918 " أو فيروس H1N1
ليخضع لجميع الأبحاث الفيروسية للتعرف على أسرار شراسته التى حملها تدميره القاتل لأنسجة الرئه فى فترة وجيزة وكشف أسرار تفاصيل تركيبه الجينى واختلافه عن الفصائل الأخرى
وقضى الفريق العلمى برئاسة الدكتور /جفرى توبنبرجر عدة سنوات فى أبحاث مضنية استخدموا فيها كل الطرق التكنولوجية الحديثة فى الهندسة الوراثية والجينيه والبيولوجية واستخدموا مزارع باثالوجيه وأجروا التجارب على العديد من حيوانات التجارب المعملية وتم ايضا" تركيب فيروسات تخليقية تحمل أجزاء جينية منفصلة من الفيروس القاتل لدراسة كل على حده ليتم كشف جميع أسرار فيروس H1N1 ونشر الفريق العلمى نتائج أبحاثه فى مقالات علمية بالدوريات العالمية .

» عام هجرى جديد