أم علاء الدين مشرف
عدد الرسائل : 219 العمر : 45 العمل/الترفيه : مهندس أنتاج حيوانى المزاج : * * * تاريخ التسجيل : 27/01/2009
| موضوع: لِيَكونَ لهَا شَمْعَة ..! الأربعاء مارس 04, 2009 2:14 pm | |
| لِيَكونَ لهَا شَمْعَة ..!
رجاء محمد الجاهوشأغمَضت عَينيْها بهدوءٍ مُحاولة الاسترخاء ... فقد كانَ يَومها ـ بَل يوم العالَم بأسْره ـ مُختلفا ، أرهقتها صور القتلى والجَرحى والدَّمار التي ما فتِئت تُشاهدها مُنذ الصَّباح ، وآلمَها هَوان الدّم المُسلم ، فبَكت ، وصَدى بُكاؤها : " لَزَوَال الدُّنْيَا أَهونُ على الله من قَتْلِ مُسلمٍ ..! " غلبَها النَّوم فغَفت ، فكم هي بحاجَةٍ إلى ساعةِ نومٍ ـ فقط ساعَة ـ لتستيقظ بَعدها وتلزم مُصلاها . - في هدأةِ الليل وسكونِه انسلَّت مِن سَريرها ، ومَشت بتؤدَة تتفقد أبناءَها ، وهي تدعو الله أن يَحفظهم بحفظِهِ ، ويَكلأهم برعايتِهِ ، وأن يَهدي زوجَها ويُصلحهُ ، ثمَّ توضَّأت وجَلست بين يَديِّ الله تستغفرَه وتسبِّحه وتناجيه ... تتفكّر في كلِّ ما مرّ عليها في يومِها ، من هُمُوم عامّة وخاصّة ، تبحَثُ عن مَخرج وسط كلّ هذه المَتاهات ، يُعييها التفكير فتستقبل القِبلة : تركع ، تسجد ، ويطول سجودها ، فلا مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ . " قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " - - ( الجمعة: أرعَبتها هذه الآية كما أرعَبتها صُوَر المَوت المُبعثرة هنا وهناك ، ردَّدتها كثيرًا كمَن يريدُ حفظ شيء في ذاكرتِهِ فلا يَبرَحها ، وترسيخ معنى في نفسِهِ فلا يُفارقها ! .. . | |
|
أم علاء الدين مشرف
عدد الرسائل : 219 العمر : 45 العمل/الترفيه : مهندس أنتاج حيوانى المزاج : * * * تاريخ التسجيل : 27/01/2009
| موضوع: رد: لِيَكونَ لهَا شَمْعَة ..! الأربعاء مارس 04, 2009 2:15 pm | |
| تذكّرت تلك الليلة ..! ليلة أطفأت صَديقتها " صفاء " ـ التي تشاركها الغرفة في السَّكن الجامِعي ـ الأنوارَ وتمدّدت على الأرض ، ثمَّ لفّت نفسَها بلحفاها ، متخيّلة نفسَها داخل قبرَها وقد فارَقها الأهل والأصحاب ، وبَقيَت وحدَها غريبَة بينَ الدودِ والتّراب !
كانت تريد لذلك القلب الثاوي بين الضلوع أن يرقَّ بذكر هَاذِمِ الَّلذَّاتِ ، ولهذه الرُّوح الأسيرَة أن تحلّق في سَماواتِ العُبوديَّة الحقّة ، فالْكَيِّسُ مَنْ دانَ نَفسه وعملِ لما بعَد المَوْتِ .
" كم من الوقتِ مرّ يا "صفاء" على ذلك الموقف ؟! سنين و سنين ، وها هُوَ يَجْثُمُ أمامي اللَّيْلة كأنَّه الأمس القريب ! "
تحدّثها نفسها بخوض ذات التَّجربَة إلا أنها تخشى أن يَستيقظ أحدٌ مِن أهلِ بيتِها فيفزَع إذا رآها على تلكَ الحالة .
زارَها خاطرٌ فاطمَأنَّت إليهِ ...
"سأفعلُ كما تفعل صَغيرتي وأختبئ في خِزانة مَلابسي ...
سأضُمُ بَعضي إلى بَعضي ليسَعني المَكان ، مُستشعرة حال مَن يَجلسون في الظلام ، لا يَملكون سِوى شمْعَة ، وأولئك الذين يَرقدون تحتَ الرُّكام وهُم أحياء ، حيث لا ماء ولا نسْمَة هواء" .
.. . | |
|
أم علاء الدين مشرف
عدد الرسائل : 219 العمر : 45 العمل/الترفيه : مهندس أنتاج حيوانى المزاج : * * * تاريخ التسجيل : 27/01/2009
| موضوع: رد: لِيَكونَ لهَا شَمْعَة ..! الأربعاء مارس 04, 2009 2:16 pm | |
| أطفأتْ أنوارَ الغرفة ، وجَلبَت هاتفها النَّقال ليكونَ لها شَمْعَة ، ثمَّ اندسَّت في خزانة مَلابِسها وأحكمت إغلاقها ... سرى ضوء هاتفها النَّقال في جَمرة المكان ، ثمَّ بدأ يتلاشى رُوَيْدًا رُوَيْدًا ... ظلام دامِس ، المَكان ضيّق ضيّق ، والهواء النَّقي كادَ أن يَنفد !
رُحماكَ يا ألله ! رُحماكَ يا ألله ! رُحماكَ يا ألله !
سَطعَ النُّور فجأة ..!
يَدٌ قاسِيَة اقتلعَتها مِن مَكانها ثمَّ هَوَت بها إلى الأرض ، ودوَّى صَوتٌ أصَمَّ المَدى : - ماذا تفعلين هُنا ؟! - معَ مَن تتحدّثين في هذه السَّاعَة المُتأخرة مِن اللَّيْلِ يا ... ؟!!
المصدر : صيد الفوائد | |
|