الفصل السادس
علم النفس والعمل
الفقرة الاولى : التوجيه المهني
يعرف التوجيه المهني بأنه العملية التي بها تتم مساعدة الفرد على ان يختار مهنة من المهن ، فيؤهل لها ، ويدخلها ويرقى فيها ، ويكون محور الاهتمام في هذه العملية هو الفرد نفسه ومساعدته على ان يقرر بنفسه مستقبله المهني بالاختيار الموفق الذي يؤدي الى تكيفه مهنيا تكيفا سليما .
ويقوم التوجيه المهني على مبدأين : مبدأ الفروق الفردية ومبدأ تنوع الفرص المهنية المفتوحة امام الفرد الذي عليه ان يختار من بينها ، فالافراد يختلفون فيما بينهم في المميزات الجسمانية والذكاء والقدرات والاستعدادات والميول وسمات الشخصية وما اليها . كما ان المجتمع قد ارتقى وتطور وتعددت فيه المهن والحرف ، وكلما زاد رقيه زاد تعقده وتنوعت الفرص المهنية المفتوحة امام الشباب ، فضلا عن ان تجدد المهن وتطورها يتطلب من الفرد متابعة التجديدات والتطورات في المهنة بمواصلة تجديد معلوماته عنها وتأهيل نفسه لها . وبديهي ان المهن ليست كلها واحدة بما تتطلبه من استعدادات وقدرات ، وهكذا نجد انه لولا الظروف الفردية ، ولولا تعدد الفرص المهنية واختلاف المهن فيها بينها فيما تطلبه من استعدادات وقدرات ، ولولا التغير السريع الذي يطرا على المهنة الواحدة مما يحتم اعادة النظر فيما تتطلبه من مؤهلات ، ما كانت هناك حاجة للتأهيل المهني. ورغم تشابه الافراد الذين يدخلون مهنة واحدة في قدراتهم واستعداداتهم وميولهم ، فانه لا تزال هناك فروق فردية بينهم . فلو اخدنا مهنة التعليم مثلا فالمعلمون جميعا ينتمون الى مهنة واحدة ، بيد انهم يختلفون فيما بينهم في قدراتهم واستعداداتهم ومؤهلاتهم فهناك مدرسون للمرحلة الابتدائية ، واخرون للمرحلة المتوسطة والثانوية ، ومنهم من يدرس اللغات ومن يدرس العلوم وما الى ذلك . لذلك توجد مستويات مختلفة للمعاهد التي تؤهل لهذه المهنة تتطلب استعدادات مختلفة . ويعمل أفراد المهنة الواحدة في أجواء مختلفة قد تناسب البعض الآخر . فمن الاطباء من يزاول نشاطه في ميدان العمل الحر ، ومنهم من يعمل في وزارة الصحة ومنهم من يعمل في المستشفيات او في الخطوط البحرية التجارية او الجيش وما الى ذلك ، وليس كل طبيب صالحا لان يعمل في كل هذه الجهات فقد يناسب جو العمل في الخطوط البحرية طبيبا معينا بينما لا يناسب هذا الجو طبيبا اخر بحكم الفروق الفردية بينهما . وتتنوع السبل التي قد يتبعها الافراد للرقي في المهنة الواحدة ، ويجب مساعدة الفرد في التوجيه على التعرف على الطرق السليمة التي تساعد على الرقي في المهنة التي يختارها . يتبين من هذا كله ان عملية التوجيه المهني تتضمن سلسلة من العمليات المتصلة التي يكمل بعضها بعضا ، فهي ليست بالعملية المؤقتة بل انها قد تستغرق وقتا طويلا من حياة الفرد . وللتوجيه المهني هدف فردي هو مساعدة الفرد على ان يتكيف تكيفا سليما في المهنة التي تناسبه ، كما ان له هدفا اجتماعيا اقتصاديا هو استغلال الإمكانيات البشرية الى اقصى حد يساعد على الاستفادة من الامكانيات الاقتصادية لصالح الفرد وصالح الجماعة . اما بالنسبة للطرق المتبعة في التوجيه المهني ، فيرى البعض من الموجهين ان التوجيه المهني ليس بعملية منفصلة عن التوجيه او الارشاد الشخصي النفسي ، وان المشاكل المهنية ما هي الا مشاكل نفسية ، او بالاحرى اعراض تختفي وراءها مشاكل نفسية اعمق . ويعتبر البعض الاخر ان هناك من الحالات في التوجيه المهني ما يتوقف التوجيه فيها على مد الفرد بالمعلومات الضرورية بالطرق المباشرة ، وكثيرا ما تتطلب بعض الحالات استغلال بعض الوسائل كالاختبارات او ما شابهها . اما الاخصائيون الحاليون في التوجيه المهني فقد تبنوا موقفا متوسطا وتماشيا مع هذا الاتجاه يتمكن الاخصائي في التوجيه المهني من استغلال الاختبارات التي تؤدي الى التوصل الى معلومات تهدف الى معرفة الفرد ومعرفة بيئته ، هذا اذا ما عبر الفرد عن حاجته الى مثل هذه الوسائل المساعدة .